هاريسون كينغستون مدير تحليل أداء المنتخب الوطني يحكي تجربته مع المنتخب الوطني وكواليس الإنجاز التاريخي في المونديال
أجرى موقع بي بي سي مقالا مطولا مع الإطار الإنجليزي هاريسون كينغستون الذي يشغل منصب مدير تحليل الأداء داخل المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم، حيث تحدث عن مواضيع مختلفة كقدومه للمغرب وكواليس إنجاز المنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم.
باعتراف كينغستون ، فإن المغرب ‘لم يكن بالضرورة المكان الأول على الخريطة الذي فكرت فيه’. تم اصطحابه في جولة في مركز محمد السادس لكرة القدم، الذي افتتح في عام 2019، ليتفاجأ بروعة المكان والإمكانيات التي يوفرها للكرة المغربية.
يقول كينغستون: ‘إنه ليس مثل أي شيء رأيته في حياتي. إنه مثل قرية كرة القدم، هناك ثمانية ملاعب ، ملعب مغطى، ملعب كرة الصالات، فنادق، مراكز طبية، صالات رياضية، كل شيء في هذا المركز.’
يتذكر كينغستون أيضا في طريقه من المطار إلى مركز محمد السادس قائلا : ‘ المركز على بعد دقائق قليلة بالسيارة، لكن لا بد أننا رأينا 10 ملاعب كرة قدم وكانت جميعها ممتلئة’.
‘الطقس يساعد أيضا، يمكنك لعب كرة القدم على مدار السنة، لكن الجميع مجنون بكرة القدم. مباريات كرة القدم في كل مكان، في الشوارع، خمس ضد خمسة ، وستة ضد ستة، ومباريات من سبعة لاعبين، وكل الفئات من سن الثامنة حتى الثمانين.’
‘هذا بلد جاد في كرة القدم. بفضل العمل الذي يقوم به رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم وكل من سبقونا لذلك، كل شيء كان متوفرا، ليجعلني أدرك حجم الفرصة’.
ومع ذلك، قبل ثلاثة أشهر من نهائيات كأس العالم في قطر العام الماضي، كانت هذه الفرصة معرضة لخطر الضياع مرة أخرى، بعدما أصبح المنتخب الوطني بدون ناخب وطني. حيث كان وحيد خليلوزيتش ، الذي أشرف على التصفيات، قد أقيل من منصبه. كانت نتائج المباريات الودية غير منتظمة ، بما في ذلك الخسارة 3-0 أمام الولايات المتحدة الأمريكية.
مجموعة المغرب في كأس العالم ضمت كرواتيا وصيف البطل 2018 وبلجيكا ، صاحب المركز الثاني في العالم، المنتخب بحاجة لشئ يرفع معنوياته ويحي آماله في هذه البطولة. خلف الكواليس ، كان أوشن روبرتس ، المدير التقني الويلزي الذي جلب كينغستون إلى المغرب، ترك مكانه داخل الجامعة وعاد إلى المملكة المتحدة.
يعترف كينغستون: ‘كان من الممكن أن يتم تغيير الناخب الوطني بطريقة أو بأخرى’.
إن تعيين وليد الركراكي ، الذي لعب للمنتخب المغربي والذي قاد الوداد الرياضي إلى الفوز بدوري أبطال إفريقيا، كان قرارا في الاتجاه الصحيح.
لم يضيع الركراكي الوقت. من الناحية التكتيكية ، تم إشراك كينغستون في المحادثات عبر Zoom حيث تم شرح رؤيته كناخب وطني جديد بخصوص أمور تتعلق بالفريق ، قبل وقت طويل من وصول عناصر المنتخب الوطني إلى معسكره التدريبي الأول.
بشكل جماعي ، عمل الركراكي على إنشاء فريق منظم للغاية ويضغط على الخصم بدون كرة، ولكن لديه الحرية في إظهار الجودة الفردية في الاستحواذ ايضا. لكن كنغستون رأى أيضًا كيف عمل الركراكي على شيء أقل واقعية وربما أكثر أهمية.
ولد 14 من أصل 26 لاعبا مغربيا في الخارج. أشرف حكيمي من إسبانيا، حكيم زياش من هولندا، رومان سايس قائد المنتخب من فرنسا… فريق يمثل دولة إفريقية مع تأثيرات وثقافات من جميع أنحاء أوروبا.
كان الركراكي، الذي ولد في فرنسا، ولعب في إسبانيا ودرب في الشرق الأوسط ، الرجل المثالي لتحويل مشكلة محتملة إلى سلاح قوي.
يوضح كينغستون: ‘كانت الموهبة على المستوى الفردي واللاعبون يلعبون على أعلى مستوى ، لكن التحدي كان يجمعهم معا’.
‘أكبر شيء فعله الناخب الوطني هو الاستفادة من الروح التي يتميز بها لاعب كرة القدم المغربي.’
‘إنه في وضع فريد. يفهم وجهي العملة – نمط الحياة الأوروبي والقيم الثقافية المغربية. لقد كان ذكيًا حقًا في الجانب النفسي للاعبين.’
‘قبل المباراة ضد بلجيكا ، وضع خارطة للعالم في اجتماع للفريق، تظهر من أين جاء الجميع – اللاعبين والجهاز الفني على حد سواء – مع وضع أسهم في إتجاه المغرب. وأكد وليد أن الهوية المغربية تجمعنا جميعا’
‘لقد كان شيئًا فريدًا ، شيئًا لم يكن حاضرا في الفرق الأخرى – القدرة على الاستفادة من خلفيات كروية مختلفة وجعلها في إطار فلسفة واحدة.’
أصبح الفريق يكسب المزيد من الثقة، من خلال الانتصارات على كندا وإسبانيا والبرتغال ، وأصبحت قيمته في تزايد – ليس فقط كأول دولة أفريقية تصل إلى نصف النهائي ، ولكن أيضًا أول دولة مسلمة تحقق هذا الإنجاز. تلاوة آيات من القرآن الكريم قبيل إنطلاق المباريات ، ورقصات الأمهات الفخورات مع أبنائهن، ورفع أعلام فلسطين على الأكتاف بعد المباريات.
يضيف كينغستون: ‘كانت تلك أمور نستعملها لتحفيز اللاعبين’.
‘في بعض الأحيان يمكنك أن تكون شديد التركيز ، ولا ترى الصورة الكبيرة في الخارج. الإيمان والدين والثقافة لها تأثير كبير على المجموعة، وهذا يمنحهم القوة كمجموعة.’
هذا ها شاهده كينغستون عن قرب بعيدًا عن الكاميرات. يصل الفريق إلى الملعب قبل ساعتين من انطلاق المباراة – قبل وقت طويل من بدء المباراة – لإتاحة وقت للصلاة والدعاء في غرفة الملابس. في أيام إراحة اللاعبين، كان أفراد الطاقم واللاعبون ينظمون رحلات إلى المسجد.
لقد شعر كينغستون بالاختلاف في لحظات التركيز، ولكن أيضًا في لحظات الاحتفال.
ويضيف كينغستون: ‘ هناك إختلاف عن غرف ملابس الدوري الإنجليزي الممتاز – حيث قد يكون لديك 20 جنسية مختلفة – هو أن معظم هذه الأغاني والقيم الثقافية كلها متشابهة لدى اللاعبين المغاربة. لقد نشأوا جميعًا معها والمغاربة يعرفون كيف يحتفلون ويرقصون ويغنون في غرفة الملابس ويستمرون في ذلك أثناء ركوب الحافلة.’
‘إنه لأمر رائع حقًا أن ترى وتكون جزءًا من ذلك.’
‘هناك صورة لجوزيه مورينهو ، عندما كان في توتنهام ، وجميع اللاعبين يحدقون في هواتفهم بعد الفوز. لقد حققوا للتو نتيجة مذهلة وكل ما أرادوا فعله هو إخبار الناس عبر إنستاغرام، وواتساب …. الأمر مختلف مع المنتخب المغربي ، الجميع أراد حقًا الاحتفال والاستمتاع بالفوز في تلك اللحظة’.
بعد البطولة، عاد كينغستون إلى الرباط حيث إكتشف حجم ما حققه المنتخب الوطني في موكب حافلة عبر شوارع العاصمة. يتذكر كينغستون: ‘ترى المشاعر في وجوه الناس ، فهم على بعد 10 أقدام وهم يصرخون ويصرخون ، ويرمون الأشياء ، والمشاعل تنطلق’.
‘كان من الرائع أن أعيش هذه اللحظات، لأنني كنت أحس بخيبة أمل بعد هزيمة نصف النهائي أمام فرنسا. شعرت أن هناك على الأقل إنجاز آخر يمكننا تحقيقه.’
خسر المغرب 2-0 أمام فرنسا ثم 2-1 أمام كرواتيا في مباراة الترتيب.
‘ربما كنت شجعا شيئا ما، لكنني شعرت حقًا أن هناك لحظة كان من الممكن أن نتجاوز فيها فرنسا ،’ يعترف كينغستون.
‘في النهاية ، رغم ذلك ، نحن أكثر من سعداء بالطريقة التي أنهينا بها بطولة رائعة وأن رؤية الجمهور المغربي يخرج بأعداد كبيرة في الرباط لن أنساها أبدا’.
يتطلع كينغستون إلى الأمام مرة أخرى حيث صرح: ‘الخطوة الثالية بالنسبة لنا هو كأس الأمم الأفريقية في يناير 2024، وكأس العالم للسيدات في الصيف’.
‘ستكون لدينا بعض الضغوطات المختلفة الآن في كأس الأمم الأفريقية. بعد أن احتلنا المركز الرابع في كأس العالم ، ستكون هناك توقعات مختلفة عن الأداء الذي سنقدمه في هذه البطولة’
‘إن شاء الله نتأهل للنهائيات ثم نذهب إلى البطولة ونحاول تحقيق إنجاز تاريخي’.