المغرب و ثقافة تنظيم البطولات الكبرى

تعيش بلادنا على وقع تنظيم منافسات كأس العالم للأندية لكرة القدم 2022 المؤجلة إلى فبراير 2023، بحضور أبطال مختلف القارات وعلى رأسهم ريال مدريد الإسباني، المملكة المغربية تحتضن هذه البطولة للمرة الثالثة في آخر عشر سنوات، كما احتضنت خلال السنوات الأخيرة كأس السوبر الإسباني 2018 بين برشلونة وإشبيلية، كأس الأبطال الفرنسي في 2011 و 2017 ، مباريات خيرية واحتفالية وتكريمية في عدد من الملاعب والمدن و نذكر زيدان ورونالدو في مباراة بفاس سنة 2008، هييرو وقدماء ريال مدريد بطنجة سنة 2013، مارادونا و العديد من الأساطير بمدينة العيون بين 2015 و 2019.

 

المغرب الذي يترشح بصفة شبه منتظمة لاحتضان منافسات كأس العالم لكرة القدم منذ سنة 1994، تربطه علاقة جيدة بالهيئة الدولية “الفيفا” والقارية “الكاف” تعززت في السنوات الأخيرة، وهو مرشح لاحتضان كأس العالم 2030 وكأس العالم للفوتسال 2024. علاقة تعززت في السنوات الأخيرة خاصة بسبب تألق كرة القدم المغربية بجميع فروعها وأقطابها والإشعاع الذي يترتب عن ذلك.

 

المغرب رابع مونديال قطر 2022، وثامن العالم في التصنيف الدولي للفوتسال، سيطر على ألقاب الأندية الإفريقية سنة 2022، وحصل على شرف تنظيم نهائي الشامبينز ليغ و كأس السوبر، حصل على الرتبة الثانية في كأس إفريقيا لكرة القدم للسيدات في نسخة نظمها بمدينتي الدار البيضاء والرباط، ونظير نجاح النسخة وتحطيم أرقام قياسية من ناحية الحضور الجماهيري وحسن التنظيم حصل على شرف تنظيم نسخة 2024 القادمة أيضا، نظم حفل جوائز الكاف 2022 و من يدخل معلمته مركب محمد السادس بالمعمورة يقول أنه لم يرى من قبل شيء مثلها في حياته.

 

البلد المفضل لهيئة الكاف و المنتخبات الإفريقية، إحتضن خلال السنتين الماضيتين أزيد من 25 مباراة ضمن إقصائيات كأس إفريقيا وكأس العالم، وسمح للدول التي لا تتوفر على ملاعب معتمدة استعمال ملاعبه، حتى أنه خلق مشاكل لأزيد من مدرب تأسف على وضعية ملاعب بلاده في وقت مضى، و تغنى بملاعب المغرب وفنادق المغرب و حسن تنظيمه للمباريات. كما أن مباريات بطولته الوطنية تحطم أرقام قياسية من ناحية الحضور الجماهيري في كل جولة تتجاوز بأعداد كبيرة بقية الدوريات القارية، و تتنافس الفصائل المشجعة للأندية المغربية كل سنة على جوائز أفضل الجماهير في العالم، وهذا ما أكده الجمهور المغربي في مونديال قطر و قبلها في مونديال روسيا.

 

ليس هذا فقط، المغرب الذي نظم خلال آخر السنوات، كل من كأس إفريقيا للفوتسال 2020 وكأس إفريقيا للمحليين 2018 وكأس إفريقيا لفئة -23 سنة 2011 و لفئة -17 سنة 2013 وكأس إفريقيا للأمم لكرة القدم الشاطئية سنتي 2011 و 2013، مقبل على تنظيم كأس إفريقيا لفئة -23 هذه السنة أيضا، وهي البطولة المؤهلة إلى أولمبياد باريس 2024، كما أنه المرشح الأبرز لتنظيم كأس إفريقيا 2025، بعد أن تعذر عليه ذلك سنة 2015، بسبب الإيبولا والأكيد أن صحة مواطنيه يجب أن توضع أولا وفي الظروف العادية المغرب إن أراد كان قادرا.

 

و لكي لا يقتصر حديثنا على كرة القدم و سمعة المغرب كشريك ومنظم بارز لأغلب الاتحادات والهيئات الرياضية الدولية، وليس فقط الإفريقية ، حتى و إن كانت النتائج الرياضية لا تتماشى مع تطلعات الجمهور المغربي نظرا لأهداف واستراتيجيات وهيكلة غير لائقة، ننتقدها ونناقشها بكثرة. فالمغرب و خلال هذه الأشهر الستة الأولى من سنة 2023 نظم أو هو مقبل على تنظيم كل من :

– جولة كأس العالم للرماية الرياضية بحضور أغلب أبطال اللعبة.
– ثاني جولات الحزام الذهبي للملاكمة ” كأس محمد السادس للملاكمة ” بحضور أسماء عالمية يتنافسون على نقاط مهمة في التصنيف العالمي.
– كأس لالة مريم للغولف للسيدات المدرج بالجولة الأوروبية بجوائز مالية تبلغ 450 ألف يورو.
– جائزة الحسن الثاني للغولف للمحترفين المدرج بجولة الأبطال بجوائز مالية تبلغ 2 مليون يورو.
– جولة الدوري الإقصائي العالمي للسورف بتاغازوت.
– بريمرليغ الرباط للكراطي ثاني محطات الموسم بحضور أغلب أبطال اللعبة.
– ملتقى محمد السادس الدولي لألعاب القوى ثاني محطات الدوري الماسي بحضور كوكبة من نجوم وأبطال اللعبة.
– جائزة الحسن الثاني للتنس الرجالي المدرجة برابطة المحترفين من فئة 250 نقطة.
– جائزة لالة مريم للتنس سيدات المدرجة برابطة المحترفات من فئة 250 نقطة.

 

المغرب الذي ينظم أيضا بشكل سنوي، جولة من جولات بطولة العالم للفورمولا -إي، وجولة من جولات بطولة العالم للراليات الصحراوية الطويلة، وجولة من جولات الدوري الآسيوي للغولف ودوري ملكي للفروسية بقيمة أربعة نجوم، وبجوائز مالية ضخمة. سبق له و أن نظم خلال السنوات الأخيرة مسابقات إقليمية مجمعة و جوائز كبرى و مسابقات دولية مصنفة و بطولات عالم كبار أو شباب في مختلف الرياضات الأولمبية.

 

للمملكة المغربية مشاكلها ونواقصها لا نستحي في ذكرها ونقاشها والمطالبة بمعالجتها، وتغيير ما يمكن تغييره خاصة عندما يتعلق الأمر بالرياضة بشكل مطلق والاهتمام ببعض الأصناف الرياضية وتحضير أبطالها من أجل المنافسة، ورغم ذلك فالنتائج تبقى أفضل بكثير من واقع دول أصبح أقصى طموحها تجاوز المغرب حتى لو كان ذلك في رياضة استعراضية، أما عندما يتعلق الأمر بكرة القدم أو بتنظيم المنافسات الكبرى، فيبقى المغرب سباقا لاحتضان وتنظيم أسمى و أكبر البطولات و فاعلا في مختلف الهيئات، و لن تتمكن الأصوات غير القادرة على الكتابة و نشر الرسائل بلغة غير اللغة العربية، و لا يعبر صداها حدود استوديو مغلق أو مساحة تغريدة على التويتر، كلام نستحيي وصفه بالضغوط و تعابير صبيانية، كصبيانية نظام يعاني من أزمة هوية وتاريخ يعادي جاره ويريد زعزعة استقراره وسرقة تراثه وتاريخه الغني كمملكة سائدة لقرون في المنطقة .

 

انتقال هذا الصراع إلى ميدان كرة القدم، وخاصة ملف الترشيح لكأس إفريقيا 2025، الذي يعامله الإعلام والرأي العام المغربي بشكل عادي كغيره من ملفات تنظيم البطولات التي يسعى المغرب لاحتضانها نظرا للمستوى الحالي للمنتخب الوطني المغربي رابع العالم، الذي حقق إنجازا خرافيا وغير مسبوق لدولة إفريقية، ما هو إلا أمر مضحك و لن يثير إلا إحراج الجارة. فالمسؤولين عن كرة القدم في المغرب تجاوزوا مرحلة بناء دفعة أولى من الملاعب ومراكز التكوين و التأثير في الهيئات المنظمة و تنظيم بطولات ك ” الشان ” وكأس إفريقيا للفتيان قبل أزيد من عشر سنوات. المراد الآن هو مزيد من الاستثمار والنتائج ودفعة ثانية من المنشآت و الأكاديميات في بلاد رابع العالم.